خروج جمع من المواطنين ليلة أمس بعدد من المدن في مسيرات للتهليل و التكبير و ما يشبه ذلك من مظاهر المتاجرة بالدين ، في هذه الظرفية الخاصة التي تعيشها بلادنا ، و بصرف النظر عن واجب تطبيق مقتضيات القانون الجنائي في حقهم لخرقهم حالة الطوارئ الصحية ، ما يستدعي وقفة تأمل ملزمة من جوانب متعددة :
1- تساهلت الدولة ، طويلا ، مع خطابات تكفير و كراهية صادرة ، في محطات متنوعة ، عن عدد من المتطرفين المتاجرين بالدين . بل أن البعض أدخل الامر في خانة الحريات و كأن لا خطورة في ذلك .
2- مع انتشار وباء كورونا في عدد من الدول ، طفت على السطح ، و بقوة ، كتابات و خطابات و رسائل بالصوت و الصورة ، تصف الأمر بعقاب من الله تعالى للكفار ، و بإبتلاء للمسلمين و تنبيها لهم من أجل الابتعاد عن ملذات الدنيا و غيرها
3- مع اتخاذ الحكومة لحزمة من الاجراءات ، و بعد القرارالقاضي بمنع التجمعات بما في ذلك الصلاة جماعة بالمساجد ، كثف المتطرفون من خرجاتهم عبر خطابات تأليب للرأي العام توجت بإقدام البعض على محاولة الصلاة جماعة أمام المساجد المغلقة .
4- و مع دخول حالة الطوارئ الصحية ، بدأت تمظهرات استغلال بشع للوضع من أجل فرض واقع يكرس صورة نمطية عنوانها الشكل في الدين دون الحاجة للجوهر ، اذ بعدما خلت الشوارع من عدد من المظاهر الاساسية بالنسبة للمتطرفين ، خاصة في محيط المساجد عند موعد كل صلاة ، تم اللجوء أولا إلى فكرة إطلاق العنان لمكبرات الصوت بأسطح عدد من الاقامات و المنازل لبث قراءات للقرآن الكريم و بعض الاذكار و الادعية المستوردة . و في الاحياء و التجمعات السكنية التي فعل فيها عدد من المواطنات و المواطنين فكرة ترديد النشيد الوطني كل مساء ، سارع الفكر المتطرف إلى محاولة تحوير الفكرة عبر ترديد النشيد الوطني و بعده المرور الى الادعية الدينية المدروسة الكلمات و الهدف .
5- اختيار ليلة أمس ، و التنسيق المدروس القبلي لذلك ، للخروج جماعة في مسيرات تتحدى القانون ، و من خلاله الدولة ، من جهة ، و لتكريس و ترسيخ فكرة ان الموت اذا ارادت شخصا ستصله و إن كان في برج مشيد كما جاء في القرآن الكريم ، و كأن المواطن المغربي الذي اختار احترام القانون و التطبيق الحرفي للاجراءات الاحترازية ، لا إيمان له بذلك ، و ينتظر بعضا من الجهلة لتنبيهه بالامر .

والخلاصة : لا شك ان السلطات ستقوم باللازم و بتفعيل القانون في حق هؤلاء الجهلة ، و هو أمر ضروري ان يكون مصحوبا بتواصل جيد لأن الامر يتعلق بالامن الصحي للمواطنات و المواطنين ، لكن علينا ان نتأمل في عدد من السلوكات المواكبة للوضع الحالي و التعامل معها بصرامة ، خاصة ما يتعلق بخطابات الكراهية و التكفير و التحريض ضد المؤسسات. و الحال ان تجمعات الامس هناك من أفتى بشأنها ، و هناك من عبأ لها ، و من تزعمها ، و هناك ، و يكفي التأمل في الفيديوهات ، من وجد نفسه منخرطا فيها بالعاطفة أو فقط رغبة في المشاركة أو حب الاستطلاع … حفظ الله الوطن و المواطن من الداء و من الجهل به.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

مواضيع ذات صلة

فرق ومجموعة المعارضة تطالب بعقد اجتماع عاجل لتدارس ارتفاع أسعار المحروقات بالسوق الوطنية

وفاة ريان تدفع الفريق الاشتراكي الى تقديم مقترح قانون

البوعمري يطالب بإزالة مطرح النفايات العمومي بجماعة الدروة

الفريق الاشتراكي يطالب بوقف تسرب مياه الأمطار إلى منازل ساكنة حي أغطاس بالفنيدق