شهادة التنقل الاستثنائية هي رخصة مؤقتة للسير والجولان في زمن الحجر الصحي، والمفترض فيها أن تكون للضرورة، عكس ما يتم تداوله حاليا من فهم مغلوط مفاده أنها صالحة طيلة مدة حالة الطوارئ الصحية، فتسليمها مرة واحدة لا يعني استمرارية صلاحيتها في ظل غياب الوعي بأهمية الحجر الصحي الاختياري والطوعي.
وهذه الشهادة بغض النظر عن الجهة التي تدون في صلبها هوية المستفيد منها، فهي غالبا ما تتم تعبئتها من طرف ذات المستفيد، وتحمل توقيعه، ثم توقيع العون المراقب، الذي يؤشر فقط على صحة المعطيات المتضمنة فيها والمتعلقة بهوية حاملها.
وهو ما يجعلها بمثابة تصريح بالشرف، وفق ما يؤكده توقيع المستفيد في أسفل هويته وحجة خروجه، والتصريح كما يعلم الجميع، يعني الترخيص أو الإذن أو الإجازة… وقد يعني قول المتحدث وكلامه، كما قد يعني إظهار وكشف وتبيان شيء ما، لكن حينما تنضاف إليه كلمة الشرف أي المجد والسمو والعفة…، نصبح أمام مدلول آخر، أي أمام تعبير صادر عن إدارة شخص المصرح، يعلن من خلاله عن نواياه، بشكل يعني قول الحقيقة والكلام الصادق الذي لا رجعة فيه، ووجود اختلال فيه يعني بشكل مباشر عدم صدقيته وبالتالي فالمصرح لا شرف ولا مكانة ولا منزلة له.
هذا يدفعنا إلى التساؤل عن حقيقة التعامل الإيجابي للمواطنات والمواطنين مع هذه الشهادة؟ فحينما نرى العديد من التدوينات تؤكد أنها لم تتوصل بها بعد، وأن عون السلطة لم يعمل على توزيعها، دون أن يبالي الشخص المحتج في الفضاء الأزرق أن هذا التأخر أو عدم الحصول عليها، قد يكون في مصلحته، إن لم تكن هناك ضرورة ما لمغادرة المنزل، يدفعنا إلى التساؤل من جديد حول الفهم السائد لهذه الشهادة؟ وللجواب فهذه الشهادة لا تعني توزيع حصة السير والجولان أو الفسحة لفائدة نزلاء المنازل أو حق مخول للجميع أن يستفيد منه ويخرج لاستنشاق الهواء في الساحات العمومية ويكسر الروتين اليومي في الشوارع والأزقة…، وإنما ترخيص مؤقت لقضاء غرض أساسي لأسرة توجد في الحجر الصحي.
فإعطاء معطيات مغلوطة، أو التحايل في الحصول على الشهادة، هو دليل عن غياب الضمير والإنسانية، وهو تهديد للمحيط بصفة عامة، وللأسرة بصفة خاصة، وقد يصبح هذا التهديد جرما في حقهم، إذا ما أصيب الحاصل على الشهادة بالفيروس لحظة خروجه دون حاجة ماسة إلى ذلك.
ووعينا بخطورة ودقة المرحلة، وأهمية الإدلاء بتصريحات صادقة للحصول على رخصة التنقل، يدفعنا إلى مناشدة الجميع بتفادي الحصول على هذه الشهادة إلا للضرورة القصوى، وعدم التوصل بها لا يعني نهاية الحياة، بل سلامة الشخص وذويه من التهلكة.
فاليوم، الحقيقة الوحيدة للإفلات من جائحة فيروس كورونا ـ كوفيد 19، هو البقاء في المنازل، وتسهيل مأمورية القائمين على تصريف وتنزيل التدابير المرتبطة بهذه المرحلة، حتى لا نجعل حياتهم وحياتنا في خطر.
الأطر الصحية، رجال السلطة، رؤساء المؤسسات الحيوية والعاملون بها، الشرطة الإدارية (رؤساء الجماعات)، أصحاب المحلات التجارية، الأمن الوطني، الدرك الملكي، القوات المساعدة، الوقاية المدنية، القوات المسلحة الملكية وأعوان السلطة… كلهم مواطنات ومواطنون مغاربة، وحمايتهم وحماية أسرهم مسؤوليتنا جميعا، فلا نستهتر بالمرحلة، ولا ولن نكون سببا في الإضرار بهم وبذويهم.
ولن يعرف المرء قيمة البقاء في المنزل إلا بعد فوات مدة حالة الطوارئ الصحية.
لنبق في منازلنا…. لنحم حياتنا وحياة الآخرين.

بقلم سعيد بعزيز

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

مواضيع ذات صلة

فرق ومجموعة المعارضة تطالب بعقد اجتماع عاجل لتدارس ارتفاع أسعار المحروقات بالسوق الوطنية

وفاة ريان تدفع الفريق الاشتراكي الى تقديم مقترح قانون

البوعمري يطالب بإزالة مطرح النفايات العمومي بجماعة الدروة

الفريق الاشتراكي يطالب بوقف تسرب مياه الأمطار إلى منازل ساكنة حي أغطاس بالفنيدق