انتقدت المعارضة ما وصفته بـ”العجز” الحكومي في معالجة احتجاجات هيئة التدريس، وأكدت أن تدبيرها لملف التعليم كان “ارتجاليا”، سواء من حيث عدم قدرتها على احتواء الأزمة في بدايتها تجنبا لهدر الزمن التربوي، أو من حيث طريقتها المتذبذبة في تدبير الحوار مع النقابات، مما أدى بالأساتذة إلى الخروج إلى الشوارع دفاعا عن كرامتهم ومطالبهم المشروعة.
وأعلنت المعارضة الاتحادية بمجلس النواب خلال جلسة مساءلة رئيس الحكومة عزيز أخنوش حول منظومة التعليم، تحفظها على منهجية تدبير الأزمة و”ما تسببت فيه من أخطاء كادت تؤدي بنا إلى سنة بيضاء أو على الأقل إلى منتوج تربوي ضعيف يخل بمصلحة التلميذات والتلاميذ”، مسجلة استغرابها بداية الأزمة عن عجز الحكومة على “الالتقاط المبكر للحلول التي تقدمنا بها كمعارضة اتحادية بناءة ومسؤولة”.
واعتبر عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية، أن التفاوض المؤسساتي الناجع هو الكفيل بتحرير المدرسة الوطنية من كل إكراهات أو اشتراطات التعامل المالي الضيق مع الملف، وهو الكفيل بالحوار المسؤول الذي يستحضر المصلحة العليا للتلميذ، بوصفه الهدف الرئيسي من العملية التربوية.
وسجل شهيد في معرض تعقيب على جواب رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن “واقع التعليم كما نشاهده اليوم يؤكد فشل الحكومة في الوفاء بالتزاماتها الواردة في البرنامج الحكومي”، متسائلا “كيف ستعزز الحكومة ركائز الدولة الاجتماعية وهي عاجزة عن إدارة الحوار الاجتماعي الذي يعد أحد أسسها الضرورية؟ وأين وعودها التي تقدمتم بها إلى الطبقة المتوسطة، ونحن نعلم أن نساء ورجال التعليم جزء مهم منها يعيشون تحت وطأة المعيش اليومي بسبب غلاء أسعار المواد الاستهلاكية والمحروقات”.
ويرى البرلماني الاتحادي، أن “سوء تدبيركم لملف التعليم منذ البداية ناتج عن منهجيتها غير الموفقة، لأنها تركت الوزير المعني (شكيب بنموسى) لوحده يدبر الملف إلى أن اصطدم بالحائط، مما أضاع الزمن الإصلاحي بإطلاق مشاورات أخرى، لكأن المرجعيات السابقة حول التعليم ومشاورات النموذج التنموي لم تكن كافية”.
وقال شهيد: “لم ترمش عين وتداعيات الإضرابات وتبعات مقاطعة الأساتذة لحجرات الدراسة على التلاميذ تتفاقم يوما بعد يوم، و ملايين من الأسر المغربية، مصير أبنائها ظل معلقا لأسابيع”، متسائلا: “عن أي بعد اجتماعي تتحدثون وآلاف الأسر هاجرت كرها من المدرسة العمومية إلى التعليم الخصوصي؟”.
وأكد شهيد أن الإشكالات التي يعرفها التعليم تتفاقم نتيجة عدم قدرة الحكومة على تفعيل القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، باعتباره المدخل الرئيسي لضمان نجاعة الإصلاح واستدامته، مسجلا أن الحكومة ابتعدت عن هذا القانون الذي انبثق عن الرؤية الاستراتيجية التي أعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين، والتي كانت محط إجماع جميع الفاعلين في البلد، حتى صارت وثيقة مرجعية لجميع المساهمين في إصلاح المدرسة المغربية.
من جانب آخر، شدد شهيد على أن الحكومة لم تستطيع التخلص من نزعتها الليبرالية والنظر إلى أسرة التعليم كشغيلة وطبقة وسطى عليها أن تعاني لوحدها من أجل استمرار الخدمة العمومية المرتبطة بالتعليم، متوجها لرئيس الحكومة بالقول: ” ليبراليون في سياساتكم التربوية التي لا تهمها إلا الموازنة المالية على حساب التوازنات الاجتماعية ومعادلتها التي تعتبر أسرة التعليم أحد أطرافها الرئيسية”.
وجددت المعارضة الاتحادية التأكيد، على أن مجانية التعليم حق للشعب المغربي والتزام وتعاقد من طرف الدولة مع المجتمع، معتبرة أن محو التفاوتات الاجتماعية يمر عبر تكافؤ الفرص في التعليم لتمكين كل أبناء الشعب من الحصول على أدوات المعرفة ذاتها وبنفس الطريقة والوسيلة، وتمكين الشغيلة من حقها في تحسين وضعيتها المادية وشروط عملها، وضمان حقها في الإضراب.
وسجل المصدر ذاته، أن ما شهده قطاع التعليم من احتقان، بدأت معالمه تظهر في العديد من القطاعات، وحمل الفريق الاشتراكي الحكومة المسؤولية عن التداعيات المحتملة للتأخر في معالجة المشاكل المطروحة، مؤكدا على أنه سيظل مدافعا عن الدولة المغربية ومؤسساتها القوية، وسيبقى أكثر شجاعة وجرأة للترافع عن مواصلة الإصلاحات الضرورية، وتطوير البناء الديمقراطي، وحماية التوازن المؤسساتي.
عن مدار 24
تعليقات الزوار ( 0 )